الـــفـيـــزيــــــــاء في ألمانيا

ما هو علم الفيزياء؟

الفيزياء كلمة إغريقيَّة الأصل وتعني المعرفة الطبيعية، وفي العربية تعني علم الطبيعة أو الفيزيقية، وهي العلم الذي يدرس المادة وحركتها والطاقة وتحولاتها. يهتم علم الفيزياء بدراسة الظواهر الطبيعية وصياغة القوانين التي تفسرها بطريقة علمية، وتساعد على التنبُّؤ بمسيرة العملية الطبيعية وفقاً لنماذج تقترب وفقاً لتطورها رويداً رويداً من الواقع التجريبي والحياة العملية.

تُعدّ الفيزياء القاعدة الأساسية لمختلف العلوم، لأنها تدرس التفاصيل العميقة بدءاً من الجسيمات الأوليَّة إلى النواة والذرَّة والجسيمات، مروراً بالحالات المختلفة للمادة والأنظمة المعقدة والتكنولوجية والكواكب والنجوم والمجرّات والكون الفسيح. لذلك نجد أن أغلب الجامعات يوجد فيها هذا الاختصاص. فالفيزيائي يختصّ بدراسة أدقِّ التفاصيل وهي الذرّات وأكبر التفاصيل كالمجرّات مروراً بالمسائل التي ذكرناها سابقاً. كما يهتم علم الفيزياء بدراسة طرائق القياس وتطويرها في سبيل الوصول إلى أدقِّ أنظمة للقياس، وبالتالي تقديم التفسير الصحيح الدقيق للظواهر الطبيعية، ثم تقديم هذه النتائج للعلوم الطبيعية والحيوية الأخرى كالطب والكيمياء والهندسة والأحياء. لا ننكر أن أشهر العلماء كانوا فيزيائيين، مثل: نيوتن، وأينشتاين، وماكسويل.

  • هل أستطيع التخصُّص في مجال الفيزياء وما الخيارات المتاحة في العالم العربي وفي ألمانيا؟

يستطيع الالتحاق بكليَّة العلوم والتقدم لدراسة هذا الاختصاص الطلبةُ الحاملون لشهادة الثانوية العامة (الفرع العلمي) بمعدل نجاح لا يقل عن٧٠ %.

  • درجة البكالوريوس: تستغرق دراسة مرحلة البكالوريوس في معظم الجامعات العربية ثمانية فصول دراسية، بمعدل خمس مواد علمية في كل فصل، ليكون الخريج في نهاية دراسته متخصِّص في مجالين مهمّين، هُما الفيزياء النظرية والفيزياء التجريبية. ففي المجال الأوَّل يتعلم الطالب النظريّات الفيزيائية ويعتمد النماذج الرياضية الملائمة لها، وفي المجال الثاني ومن خلال المختبرات العلمية ينقل الطالب النظرية إلى الواقع العملي من خلال إجراء الاختبارات التجريبية، ومعظم المختبرات المتوفرة في جامعاتنا العربية تحتوي على الأدوات التجريبية والوسائل العلمية التي تساعد الطالب على التحصيل الجيّد في المجالين السابقين.

أما في الجمهورية الألمانية الاتحادية، فيتطلب الحصول على درجة البكالوريوس اجتياز الطالب بنجاح ثلاث سنوات، أيْ ما يعادل ستة فصول دراسية بمعدل خمس إلى ست مواد في كل فصل، ولكن تكون المواد العلمية المقررة للطالب محددة المفردات وموجهة بالاختصاص، ليكون الطالب أقرب ما يمكن عند تخرجه في تخصُّص فيزيائي معين، يكون محدداً من قبل خطة الجامعة الدراسية والبحثية لمرحلة الماجستير والدكتوراه.

  • درجة الماجستير: هي تتويج للمرحلة السابقة والخطوة الأولى للتخصُّص في إحدى فروع الفيزياء، فدراسة مرحلة الماجستير تكون على مدى أربعة فصول دراسية في كل الجامعات على حد سواء، ففي العام الأول يدرس الطالب مجموعة من المواد المتعلقة بالتخصص العلمي المحدد، وفي العام الثاني يُنجز الطالب بحثاً علميَّاً بالتعاون مع الدكتور أو البرفسور المشرف، ويحصل الطالب على حقوق هذه الدرجة مع إتمامه لرسالة الماجستير بنجاح.
  • درجة الدكتوراة: للحصول على هذه الدرجة لا بد للطالب من اجتياز المراحل السابقة، وأن يُنجزَ خلال عامين دراسيين رسالة بحثيّة علمية، غالباً ما تكون خطوة متقدمة للبحوث التي اطلع عليها في مرحلة الماجستير، وتُناقش الأطروحة أمام لجنة علميَّة رفيعة المستوى، على أن تحتوي الأطروحة حلول واقعيَّة لمشكلة ما في المجال المختار أو تستعرض ابتكارات علمية ذات أهمية بالغة لقطاعات البحث العلمي والنظري.

ولا بد من الإشارة إلى أنَّ المخابر العلمية والأدوات البحثية المتوفرة في الجامعات الغربية، غالباً ما تكون على درجة عالية من التطوّر والدقة، مما يمكن الطالب الباحث على إنجاز بحوث علمية بنتائج متميزة تخدم الغاية التي قرَّر من أجلها البحث أو الأطروحة.

  • أنواع التخصصات في العلوم الفيزيائية:

تقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسة، وهي الفيزياء النظرية والفيزياء التجريبية والفيزياء التطبيقية.

(Theoretische Physik; Experimentelle Physik und Applied Physics).

أما الفروع، فهي على الشكل الآتي:

عزل الصوت، فيزياء زراعية، فيزياء فلكية، فيزياء الغلاف الجوي، فيزياء ذرّيَّة وجزيئية وبصرية، فيزياء حيوية، فيزياء كيميائية، فيزياء المواد المكثّفة ديناميكا (ديناميكا الموائع ديناميكا حرارية)، فيزياء اقتصادية، كهرومغناطيسية (بصريات كهرباء مغناطيسية)، فيزياء الأرض، فيزياء رياضية. ميكانيكا (ميكانيكا كلاسيكية ميكانيكا الكمّ ميكانيكا إحصائية)، فيزياء طبّية (Medizien Physik)، ما وراء الطبيعة، فيزياء عصبية، فيزياء نووية، فيزياء الجسيمات، نظرية الحقل الكمومي، النسبيَّة (النسبية الخاصة، النسبية العامة)، فيزياء التربة، علم السكون (علم سكون الموائع).

  • المواد التي تُدرَّس عموماً:

يحاضر الطالب في السنة الأولى مجموعة من المواد التي تعدّ مداخل في كل من الفيزياء والرياضيات والكيمياء، وذلك لترابط هذه العلوم الأساسية مع بعضها، كالميكانيك الفيزيائي والضوء الهندسي والكهرباء والجبر والهندسة التحليلية والكيمياء العامة، وفي السنة الثانية يحاضر الطالب في مقررات فيزيائية تخصصية مستوحاة من فروع الفيزياء الكلاسيكية، بالإضافة إلى مقررات رياضية تخدم الدراسة الفيزيائية كالترموديناميك والكهرطيسية والفيزياء الكمومية، وفي السنة الثالثة يحاضر الطالب بمقررات فيزيائية متقدّمة ومتطورة، كالفيزياء النووية والإلكترونيات وفيزياء الليزر والبلازما، ويضاف إليها مقرَّر برمجة فيزيائية حاسوبية ليتعلم الطالب كيفية محاكاة المسائل وبرمجتها وحلّها وفقاً للبرامج الحاسوبيّة المتداولة، ونذكر منها على سبيل المثال Pascal & MATLAB.

  • نقاط مميزة، إيجابيات التخصص وسلبياته:

للفيزياء مكانة متميِّزة في الفكر الإنساني، فهي تأثَّرت كما كان لها الأثر الحاسم في بعض الحقول المعرفية والعلمية الأخرى، مثل الفلسفة والرياضيات وعلم الأحياء. وقد تجسَّدت أغلب التطورات التي أحدثتها بشكل عملي في قطاعات عدة من التقنية والطب. فعلى سبيل المثال، أدى التَّقدم في فهم الكهرومغناطيسية إلى الانتشار الواسع في استخدام الأجهزة الكهربائية، مثل التلفاز والحاسوب، وكذلك تطبيقات الديناميكا الحرارية إلى التطوّر المذهل في مجال المحركات ووسائل النقل الحديثة، وميكانيكا الكمّ إلى اختراع معدات مثل المجهر الإلكتروني. كما كان لعنصر الذرَّة، بجانب آثاره المدمرة، استعمالات مهمة في علاج السرطان وتشخيص الأمراض وتوليد الطاقة.

مما ورد سابقاً نستخلص أن الفيزيائي يتطلب وجوده في قطاعات العلم كافة، وهذا يجعل من المستحيل أن تجد فيزيائياً عاطلاً عن العمل في الدول المتقدمة علمياً وصناعياً، ولا سيَّما في ألمانيا التي تعاني نقصاً في عدد الخبرات المتخصِّصة في هذا المجال.

فالفيزيائي يستطيع العمل في المشافي في قسم العالج الإشعاعي بعد تخرَّجه وتخصصه في مجال الفيزياء الطبيّة، نتيجةً لاطِّلاعه بشكل كبير على الأشعة والمواد النووية وقدرته على التحكُّم بخصائص وآلية عمل المسرع الخطي Line Accelerator المُستخدم في العلاج الإشعاعي.

كما يستطيع الفيزيائي العمل مع شركات متخصصة في التطوير العلمي، نذكر منها على سبيل المثال PHOENIX CONTAKT المشهورة بإنتاج أهم الأدوات التقنية على مستوى العالم، وقبل تقديم هذه المنتجات للمستهلك، يُجري الاختبارات الفيزيائية فيزيائيون يديرون مخابر متطورة ومزوَّدة بأهم وأحدث أدوات القياس.

بالإضافة إلى العديد من المجالات الأخرى، كالمحطات النووية وشركات إنتاج الحواسيب والأدوات الإلكترونية وهيئات البحوث الطبيعية والأرصاد الجوية ووكالات البحوث الفضائية نذكر منها على سبيل المثال NASA، والحقول البحثية في الجامعات لرفد المجتمع بخبرات فيزيائية متجدِّدة، بالإضافة إلى تلك المهنة الفاضلة وهي معلم في المدارس التربوية.

  • أقوى وأشهر الجامعات التي تدرِّس اختصاص الفيزياء:
  • جامعة ميونيخ التقنية (Universität München Technische).
  • جامعة برلين الحرة (Freie Universität Berlin).
  • جامعة هايدلبرغ (Ruprecht-Karls-Universität Heidelberg).

بالإضافة إلى عدد كبير من الجامعات في مختلف ولايات الجمهورية الألمانية الاتحادية.

  • متطلبات الدراسة اللغوية والعلمية:

تتطلّب الدراسة عموماً أن يكون الطالب حاصلاً على درجة DSH-2 أو DAF-4 في اللغة الألمانية، ليستطيع الدخول إلى الجامعة ودراسة درجة البكالوريوس أو الماجستير أو الدكتوراة، ولكن هناك بعض الجامعات تكون فيها دراسة الماجستير أو الدكتوراة باللغة الإنكليزية، فيُكتفى بحصول الطالب على درجة الـــTOFEL أو الـــــ IELTS في اللغة الإنكليزية، فعلى سبيل المثال جامعة هايدلبرغ Heidelberg Universität تكون فيها دراسة الماجستير في الفيزياء الطبية باللغة الإنكليزية.

مما تقدم ذكره، نجد أن علم الفيزياء لا يقل قيمة عن بقيّة العلوم ولا يستحق هذا لإجحاف وقلة الاهتمام به والإقبال عليه من قبل الطلبة، بل هو، على العكس، الطريق نحو الرقي ببقية العلوم نحو حياة أفضل، فبقدر ما يرقى ويبدع الطالب بفكره الفيزيائي يرقى المجتمع بهذا الفيزيائي نحو درجة أسمى وأعلى، وخير مثال أن هناك فيزيائيين حصلوا على جائزة نوبل في مجالاتهم وفي مجالات العلوم الأخرى كالطب، وهما العالمان بول لاوتربر وسير بيتر مانسفيلد لاكتشافاتهم المتعلقة بالتصوير بالرنين المغناطيسي في عام 2003.