في زحام التحديات التي تعصف بسوريا منذ سنوات، يواجه الشباب السوري الكثير من الصعوبات في طريق طموحاتهم، مايسمح لشعور الإحباط أن ينسل إلى حياتهم، إلا أن بعض حكايا نجاحٍ سجّلها العديد من الشبان، تشكل منارة تزيح العتمة وتنعش الأمل لكثير من الذين يحملون طموحات وأحلاماً تحتاج لتحفيز لتجاوز الحدود والتعالي على كل الصعوبات.
فواز دباغية، اسم لشاب سوري كتب عناوين نجاح دراسي في اختصاص الهندسة الحيوية، منطلقاً من مدينته حلب شمال سوريا ليشق طريقه في مجال البرمجة الحيوية عبر جامعات ومراكز بحثية مرموقة في ألمانيا، وصولاً إلى حصوله على الدكتوراه في البرمجة الحيوية من ألمانيا والتحضير لإكمال مسيرته البحثية في إحدى أهم الجامعات في كوريا الجنوبية.
بدأ فواز دراسته الجامعية في جامعة حلب عام 2009، حيث تخصص في الهندسة الحيوية، ومن خلال منحة تبادل أكاديمي ضمن برنامج(Erasmus AVEMPACE)، قضى عاماً دراسياً في جامعة “بون راين سيغ” الألمانية، ليعود بعدها ويكمل دراسته في حلب، ويتخرج فيها عام 2015.
مرة أخرى عاد السيد دباغية إلى ألمانيا عام 2016، وعمل في مجال الأبحاث في بون وكولون، قبل أن يتجه لدراسة الماجستير في البرمجة الحيوية في جامعة زارلاند، حيث تميز في أبحاثه وانطلق منها إلى مرحلة الدكتوراه في جامعة دوسلدورف.
تميزت أبحاثه خلال الدكتوراه بالتركيز على تطوير خوارزميات لفهم وتحليل سلاسل الأحماض الأمينية والبيانات البنيوية القائمة على الرسوم البيانية، نشر العديد من الأبحاث والمنشورات العلمية منها:
كما شارك في مؤتمرات دولية ونال العديد من الجوائز، وخلال درجة الدكتوراه، عمل كمسؤول ومنظم لمشروع MODS في جامعة دوسلدورف الممول من الحكومة الألمانية حيث أدار عددا من الاجتماعات وورشات العمل مع أكثر من 20 باحثاً.
لم يكن الطريق مفروشاً بالورود، فقد واجه فواز تحديات تتعلق بالحصول على فرص دراسية ولاسيما أن مجال البحث العلمي تنافسي بشكل كبير والفرص والمقاعد المتاحة قليلة، بالإضافة لصعوبات نفسية خلال مراحل البحث، واجهها بالصبر والعمل الدؤوب، ولعل حبه للموسيقا وإيجاده للعزف على آلة البيانو كانت إحدى وسائل المواجهة والاستمرارية، كما شكلت كل تجربة رفضٍ واجهها في التقديم للمنح أو المقاعد الدراسية أو البحثية حافزاً لتطوير مهاراته وتعزيز خبرته.
وفي تموز 2025، يبدأ فواز فصلًا جديداً من رحلته، حيث ينضم إلى جامعة سيئول الوطنية، أرقى الجامعات في كوريا الجنوبية، ليواصل مساهمته في تطوير العلم من موقعه كخبير في البرمجة الحيوية، ويكون بذلك قد ترك بصمته شرقاً وغرباً.
يقول فواز: “مجال الأبحاث يتطلب شغفاً حقيقياً وصبراً طويلاً لا يمكن الاستمرار فيه من أجل المال أو الشهرة، بل من أجل الفهم والاكتشاف، والرغبة في مشاركة المعرفة مع الآخرين”.
قصة فواز دباغية تذكير بأن النجاح لا يأتي مصادفة، بل هو ثمرة شغف، وإصرار، واستثمار في الذات، وهي أيضا رسالة أمل لكل باحث طموح، فالطريق قد يكون صعباً، لكنه دائماً ممكن.