مع تزايد دور المرأة في المجتمعات الأكاديمية والسياسية، تبرز الحاجة إلى تنشيط المنصات الحوارية التي تُتيح للأكاديميات السوريات تبادل الخبرات والمعرفة، وتعزيز مساهماتهن في صياغة القضايا الجوهرية التي تمس حياتهن المهنية والاجتماعية. وانطلاقًا من هذه الرؤية، نظّمت الشبكة الأكاديمية النسوية السورية (SWAN) لقاءً جديدًا ضمن سلسلة “Meet Odette”، حيث استضافت السيدة جمانة الأسعد، الباحثة في علوم الآثار وذات الخبرة الواسعة في العمل المجتمعي والسياسي، في جلسة حوارية معمّقة حول الأحزاب السياسية في ألمانيا وتأثيرها على مستقبل السياسات الداخلية والخارجية.
تأسّست الشبكة الأكاديمية النسوية السورية SWAN كمنصة تجمع الأكاديميات السوريات من مختلف المجالات العلمية والأدبية، وتهدف إلى بناء تحالف نسائي سوري يُعزز التبادل المعرفي بين الباحثات، ويُساهم في تمكين المرأة السورية في المجتمع الأكاديمي. تؤمن الشبكة بأهمية طرح القضايا الأكاديمية والاجتماعية ضمن بيئة داعمة وآمنة، وتُسلط الضوء على التحديات الفردية والجماعية التي تواجه الأكاديميات، خاصةً فيما يتعلق بالتوازن بين الحياة المهنية والأسرية. كما تهدف الشبكة إلى تعزيز التبادل الثقافي بين الأكاديميات حول العالم، بما يُثري النقاشات البحثية ويُسهم في بناء جيل أكاديمي قادر على التأثير في القضايا المجتمعية.
عُقد اللقاء يوم السبت ٢٥ شباط، واستمر حوالي الساعتين، بحضور نحو ١٧ باحثة من أعضاء الشبكة، وسط أجواء تفاعلية مُثرية للمعرفة السياسية.
ركّز الحوار على الأحزاب السياسية في ألمانيا قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث قدّمت السيدة جمانة الأسعد تحليلًا مُفصّلًا حول أيديولوجيات الأحزاب المختلفة، وما يُميز كل حزب عن الآخر. كما تناول اللقاء تأثير السياسات الحزبية على الملفات الكبرى مثل الهجرة والاندماج، ومدى انعكاس القرارات السياسية على المشهد الدولي، خاصةً في ظل تطورات الحرب بين أوكرانيا وروسيا وتأثير السياسات الأمريكية على الصراعات الدولية.
قدّمت الدكتورة إيلين هلال، مديرة الشبكة، مداخلات قيّمة حول الأحزاب الألمانية التي تم الحديث عنها خلال اللقاء، مسلطةً الضوء على مدى ارتباط الأحزاب المختلفة بالقضايا الأكاديمية والاجتماعية، وأهمية فهم هذه السياسات لتحديد تأثيراتها على الوضع السياسي العام في ألمانيا.
جاء هذا اللقاء في توقيت حساس قُبيل أسبوع واحد من الانتخابات البرلمانية الألمانية، مما أتاح فرصة تحليل المشهد السياسي ومناقشة تأثير نتائج الانتخابات على مستقبل السياسات المتعلقة بالهجرة والاندماج، وهي قضايا محورية تؤثر بشكل مباشر على الباحثات الأكاديميات المقيمات في ألمانيا. كان اللقاء غنيًا بالتحليلات السياسية، حيث شكّل مساحة حوارية مفتوحة تُمكّن الباحثات من التفاعل مع المتغيرات السياسية والاستفادة منها في سياقات البحث الأكاديمي والمجتمعي.
لم يكن اللقاء مجرد جلسة لتبادل المعلومات، بل كان فرصة حقيقية لفهم كيفية تأثير القرارات السياسية على الحياة الأكاديمية والاجتماعية، مما يعكس رؤية الشبكة في تمكين الأكاديميات من المشاركة الفعالة في النقاشات السياسية، واستيعاب التوجهات العالمية التي تؤثر على مستقبل البحث العلمي والمجتمعات الأكاديمية.
كما لم يقتصر النقاش على الأكاديميات المقيمات في ألمانيا فحسب، بل امتد ليكون مرجعًا فكريًا وتحليليًا، وفرصة لتوسيع الأفق السياسي لدى الأكاديميات والباحثات، خاصة أولئك المهتمات بفهم السياسات الأوربية وانعكاساتها على القضايا الدولية. فمن خلال تحليل منهجية الأحزاب السياسية الألمانية، واستعراض تأثيرها على الملفات الجوهرية، استطاعت المشاركات اكتساب رؤى معمقة حول كيفية تشكّل القرارات السياسية وما قد تعنيه هذه التحولات للمجتمعات السورية خارج ألمانيا.