The German-Syrian Research Society (DSFG)

أسامة السلطي: من دمشق إلى كاسل… رحلة شغف لا تعرف التوقف

أثبت السوريون على مدى السنين الماضية قدرتهم العظيمة على النجاح في تحديات العيش في بلدان المهجر، والتأقلم مع اللغات الجديدة والعادات غير المألوفة لهم، بل واستطاعوا أيضاً التميّز وإثبات أنفسهم أشخاصاً فاعلين مؤثرين في مجتمعاتهم الجديدة، ولقاؤنا هذا مع أحد هذه الشخصيات، وهو المهندس أسامة السلطي، الفلسطيني السوري الألماني الذي رسم قصة نجاح مبهرة بعد هجرته إلى ألمانيا في مجالات عديدة لم تقتصر فقط على عمله الهندسيّ، وفيما يلي نبذة عن أبرز محطات رحلته الحافلة بدايةً من سوريا وليس انتهاءً بألمانيا، فقطار النجاح لا يتوقف عند محطة.

من هو أسامة السلطي ؟ 

السيّد أسامة السلطي مهندس إلكترونيات واتصالات  ومهندس معماري فلسطيني- سوري وحاصل على الجنسية الألمانية، ويعمل حالياً مدير مشاريع في شركة قطاع حكومي لتنفيذ مشاريع إنشائية لمدينة كاسل في ألمانيا. 

الرحلة الدراسية

نال إجازة/بكالوريوس في الهندسة الكهربائية تخصص الكترونيات واتصالات من جامعة دمشق، ولم يتوقّف شغفه في طلب العلم عند هذا الحدّ، فقد حصل أيضاً على بكالوريوس وماستر في الهندسة المعمارية من جامعة كاسل، ألمانيا.

المناصب الوظيفية والعمل الحرّ

وعلى الصعيد المهنيّ، فقد شغل السيد أسامة السلطي عدة مناصب بعد تخرجه من قسم الهندسة المعمارية،  إذ بدأ مهندساً معمارياً في مكتب هندسي في كاسل، ثم باحثاً علمياً ومدرّساً في قسم التصميم ونظريات العمارة في جامعة كاسل.

عمل كذلك مساعداً بحثياً في قسم ابتكار فن البناء في كلية هندسة العمارة في جامعة كاسل. 

ثم موظفاً حكومياً في دائرة التخطيط والتراخيص في الإدارة المحلية – هيئة الإشراف على البناء في مدينة كاسل. 

وأيضاً عمل مهندساً معمارياً ومدير مشروع في شركة لإدارة العقارات في كاسل. 

كل ذلك في مجال الوظائف الحكومية والجامعية، أما فيما يخص العمل الحر فقد أسس  شركة الدراسات الهندسية  atelier lipphardt salti في كاسل وهو الرئيس التنفيذي لها، وقدّم وأدار عدة محاضرات وورش عمل في الجمعية الألمانية – السورية للبحث العلمي،

وكان كذلك مدير مشاريع في مجال إدارة المنشآت التجارية في شركة عالمية، بالإضافة لكل ما سبق فهو يعمل حالياً مُدرّس في قسم إدارة المنشآت في كلية الهندسة المدنية في جامعة خاصة في ألمانيا، وأخيراً وليس آخراّ يعمل السيّد أسامة السلطي مديراً ومطوّراً للمشاريع في شركة تابعة للقطاع الحكومي بمدينة كاسل لإدارة وتطوير مشاريع المدينة، من ضمنها المدارس الحكومية والمرفقات العامة.

الدراسات البحثية والمشاريع

وذكرنا سابقاً أن السيد أسامة باحث متعددّ الخبرات، فقد عمل على عدّة مشاريع وأبحاث في مجالات عديدة :

في مجال الهندسة المعمارية:

  • أجرى دراسات بحثية في عمارة الحداثة بالأخص الباهاوس.
  • و دراسات حول إعادة إنشاء بناء خشبي تاريخي يعود لبدايات العشرينيات حسب مخططات لمعمار من الباهاوس في مكانه التاريخي في مدينة ديساو.
  • بالإضافة لابتكار وتطوير حساسات لمسية ضمن الجدران الاسمنتية.

وهي من أبرز إنجازات السيد أسامة ومساهماته في مجاله.

في مجال التصوير:

  • مشروع أرشفة تصويرية لمدينة دمشق القديمة في الأعوام من 2008-2010 من خلال أكثر من 4000 صورة، عرضت 65 صورة منها خلال معرضه للتصوير في كاسل تحت عنوان دمشق البارحة
  • أرشفة تصويرية لأجزاء من مدينة حلب القديمة ومدن أخرى.

في مجال الفنون:

  • دراسات بحثية عن الرسم التصويري والكارتون وتطورها ومدارسها، منشورة في جرائد ومنشورات سورية. 
  • مقالة بحثية عن تطور الكاريكاتور في سورية مترجمة إلى اللغة الإسبانية في مجلة ثقافية إسبانية.
  • مشاركة في معرض documenta في مدينة كاسل لتوثيق الفن في العالم.
  • منشورات ومشاركات في معارض دولية في عدة دول في العالم.

في مجال الكتابة:

مجموعة قصصية ونثرية بعنوان في قصر الشطرنج، قيد النشر في مصر ودول الخليج.

الجوائز 

ومن الطبيعيّ أن تُكلّل هذه الإنجازات الملفتة بجوائز وتكريمات كثيرة حصل عليها، أبرزها 5 جوائز وتكريمات في مجال الرسم الكاريكاتوري والكارتون، وفي العام 2008 قُيّمت في البرازيل رسومه الكاريكاتورية على أنّها أفضل الأعمال الفنية عالمياً.

وفي إطار المشاريع الحالية فيساهم السيد أسامة حالياً في بناء المدارس على طريقة ومفهوم حديثين في مدينة كاسل، ضمن خطة حكومية لإعادة هيكلة المدارس في ألمانيا من خلال مفاهيم تربوية حديثة، أما عند حديثنا عن المستقبل فيقول : “أسعى لتطبيق ما تعملته وجمعته من خبرات فيها فائدة عامة لمجتمعاتنا خاصة في دول بلاد الشام.”

مواجهة التحديات والتغلب عليها

وعلى الصعيد الشخصي فإنّ أبرز ما يدفع السيد أسامة السلطي للإنجاز في مجاله هو الشغف، رغم التحديات الكثير التي واجهته من صعوبة اللغة الألمانية، وقلة خبرته في الإدارة آنذاك قبل اكتسابها شيئاً فشيئاً، بالإضافة لقلّة الوقت مقارنة بالمسؤوليات والمهام التي تقع عاتقه، ولكنّه بالطبع استطاع التغلّب عليها وتجاوزها مدفوعاً بالشغف أولاً، ثم من خلال التنظيم والاستمرارية والصبر والتحمل، وحبه للعلم والتعلّم المستمر، وتلك الأدوات التي ينصح العلماء الطموحين للتسلّح بها ووضع خطة واضحة للوصول إلى أهدافهم.

لا يسعنا إلّا الفخر بمثل هؤلاء الأشخاص الذين حطّموا حواجز اللغة والاغتراب، وحققوا نجاحات بعد جهد وعناء عظيمين، ليكونوا جزءاً حيوياً في بلدانهم الجديدة ويساهمون في بناء بلدانهم الأصلية بما اكتسبوه من خبرات غنية.